المصروف
جميع الآباء يواجهون مرة أو أكثر قراراً محيرا يتعلق بمصروف أولادهم. خصوصاً إذا ماكان الآباء على وعي كاف بأنهم لايريدون إفساد أولادهم بالمصروف الزائد عن الحاجة لكنهم يشعرون بأن المصروف جزء من واجبهم تجاه أولادهم. نقدم لهذا النوع المسؤول من الآباء عدة أفكار قد تساعدهم في قراراتهم حول المصروف، مع الأخذ في الاعتبار أن لكل عائلة ظروفها الخاصة التي قد لا تتوافق مع هذه الأفكار.
متى تبدأ؟
بعض الوالدين يبدأون منح المصروف لأطفالهم قبل سن السادسة أو السابعة، بمجرد أن يتمكن الأطفال من تمييز الفرق بين قيم النقود، ما الذي يحتاج له الطفل في عمر ما قبل المدرسة؟ بالتأكيد ليس شيئاً كثيراً، والفكرة هنا هي أن تتعلم الموازنة ما بين إنفاق بعض المال، وادخار بعضه، والتبرع ببعضه لأعمال خيرية،
بعض الآباء يرغبون البدء في تعليم هذه العادات لأطفالهم في أبكر وقت ممكن، وبعضهم ينتظر لحين وصول أطفالهم لسن الدراسة، هذا النوع الأخير من الوالدين يعتقدون أن الأطفال في سن الدراسة لديهم قدرة أفضل لفهم واستيعاب المال وكيفية استخدامه، اجعل الحصيلة الفهمية لدى طفلك هي دليلك الذي تسترشد به في اتخاذ قرار البدء بمنحه المصروف المالي.
كم من المال يجب أن تدفعه كمصروف لطفلك؟
يقول بعض الخبراء أنه يجب أن تتوافق المبالغ الممنوحة للطفل مع عمره، مثلاً ٥ ريالات لمن في عمر 7 سنوات، وخبراء آخرون يوصون بمنح ريال واحد لكل مستوى أو صف دراسي، مثل هذه المعادلات ليست واقعية دائماً، فالمبلغ الذي تمنحه لطفلك يعتمد على ثلاثة عناصر:
البيئة الاقتصادية لمجتمعك؛ ما الذي يحصل عليه الأطفال الآخرون؟ مجتمعك قد يعيش بمستويات معيشية متفاوتة.
ماذا سيغطي المصروف؟ في السنوات الباكرة من عمر الطفل، قد يستخدم المصروف لبعض النثريات، ولكن بتقدم عمر الطفل سيغطي المصروف أشياء أكثر، الالتزامات المالية نحو طفلك يجب أن تنمو مع نمو طفلك، إذا كان على ابنك المراهق أن يقوم بتمويل مشترياته من الملابس أو وسائل الإتصال، إضافة إلى نفقات الترفيه والمصروفات اليومية المتنوعة، فبالتالي عليك إذن أن تمنحه مصروف أكبر لتغطية هذه المتطلبات، وأن يكون الابن متأنيا في السلع التي يقوم بشرائها ويعلمه كيفية صنع القرار،وسيتعلمون سريعاً جداً أن المال محدود، وليس دفقاً متاحاً بلا نهاية.
اعتبارات أخرى: إذا كنت لا تمنح أولادك المراهقين مالاً كافياً لكي يتعلموا ادخار بعضه من أجل شراء حاجاتهم على المدى القصير والطويل، ومن أجل بعض مصروفاتهم خلال الشهر، ولربما للتبرع ببعض المال لبعض الأعمال الخيرية، فأنت تكون بذلك قد حرمتهم من الخبرات التي كانوا سيتعلمونها لو منحتهم ذلك المال، فإذا كانت المنحة ليست سخية بما يكفي، فقد يقوم المراهقون بإنفاقها بالكامل لأن ليس لديهم من المال ما يكفي لتقسيمه بين عدة استخدامات.
كم عدد مرات منح المصروف؟
عندما يكون الأطفال أصغر سناً، ينبغي منحهم المصروف أسبوعياً، لأن الأطفال صغار السن يتعاملون مع الوقت بسهولة أكثر إزاء المبالغ الصغيرة المتاحة لهم، ولا يلقون بالاً للادخار للمدى الطويل.
ومع ذلك، فبإمكانك تغيير فترات المنح لأبنائك المراهقين بحيث تكون شهرياً، لأن دفع المنح بشكل شهري يجعل ذلك أقرب إلى التعامل مع العالم الحقيقي، حيث من المتبع والمعروف عالمياً أن يتم دفع الرواتب وكذلك المطالبة بسداد الفواتير بنهاية كل شهر، بالإضافة إلى أنه بزيادة المدى الزمني ما بين كل منح وآخر وامتداده لشهر كامل فإن ذلك يزيد من مسؤولية الابن لتمديد إنفاق ما بحوزته لتغطية كل أيام الشهر ما أمكنه ذلك، وإذا حدث أن أنفق ابنك أو ابنتك جُل أموالهم في عشرة أيام مثلاً من بداية الشهر، فإن انتظارهم لحين انتهاء الشهر سيكون انتظاراً طويلاً وشاقاً بالنسبة لهم.
إلى متى ستستمر في منح المصروف
يقول بعض الخبراء عندما يبدأ ابنك في اكتساب المال من عمل أو وظيفة بدوام جزئي، يمكنك حينها البدء بتخفيض المصروف الذي اعتدت أن تمنحه له، فبعد أن كان توفير المال للابن يأتي من داخل منزل العائلة، أصبح الآن يأتي من خارجه، إذا وجد المراهقون أنفسهم معدمين من المال، فسيكون لديهم حينئذٍ الخيارات التالية لاختيار أيٍ منها:
1/ مراجعة أساليبهم في إدارة أموالهم وبالأخص التركيز على الجانب الإنفاقي
2/ تعديل طريقة وأسلوب حياتهم
3/ العمل لساعات أكثر
علماً أن زيادة ساعات العمل أثناء العام الدراسي سيقلل من الجهد المخصص للدراسة، والحل الأفضل هو أن يعمل الابن ساعات أطول خلال إجازته الصيفية وأن يوقف الإنفاق.
مال الإنفاق
هل تدعم المصروف المخصص لأولادك بأن تعطيهم مبالغ إضافية للإنفاق؟ مال الإنفاق هو المال الذي تعطيه لأبنائك لتغطية غرض محدد أو مناسبة معيّنة، مثلاً في عطلة نهاية الأسبوع حين يرغب ابنك الذهاب مع مجموعة من أصدقائه للتسلية في أيٍ من أماكن الترفيه فيدفع ثمن وجبة العشاء أو الألعاب… وما إلى ذلك من مصروفات، إذا كنت تقوم بمنح مال الإنفاق هذا، فقد يكون من الملائم حينئذٍ أن تكون المصروفات ليست سخية، فأنت تتولى الصرف على تغطية نفقات الترفيه لأبنائك متى ما لزم الأمر.
ربط منح المصروف بإنجاز الأعمال المنزلية الروتينية
يعتبر هذا الموضوع أحد المواضيع الجدلية الرئيسة، عليك أن تُمحص كلا المفهومين ثم تتخذ قرارك باختيار أحدهما؛ يقول دعاة تأييد ربط المصروف بإنجاز الأعمال المنزلية، أن الخبراء يقولون أنه يجب على الأبناء تعلم الرابط ما بين المال وبين الحصول عليه، وأن ربط المصروف بإنجاز الأعمال المنزلية يؤدي هذا الغرض، والرسالة التي ينبغي توصيلها للأبناء أنك لكي تحصل على المال فأنت ببساطة يجب أن تكون مؤهلاً ومستحقاً له، ففي عالم الحياة الحقيقية يتوقع منك الآخرون تقديم عمل معين مقابل حصولك على المال.
أما دعاة عدم ربط منح المصروف بإنجاز الأعمال المنزلية الروتينية، فيتساءلون ماذا سيحدث عندما لا يقوم الأبناء بعمل الأعمال المنزلية الروتينية؟ فإذا قمت حينها بإيقاف منحهم المصروف، فإنك تكون قد حرمتهم من تجربة تعلم كيفية إدارة أموالهم، والذي من المفترض أن يكون هو الهدف الأساسي لمنح المصروف، كما يشيرون إلى مشكلة أخرى، وهي أنه متى سينتهي منح المال للأبناء مقابل قيامهم بالأعمال المنزلية؟ هل ستقوم بالدفع لهم مقابل كل ما يؤدونه من أعمال معتادة في المنزل؟ هل دفع المال للأبناء مقابل قيامهم بالأعمال المنزلية يعلمهم انتظار وتوقع أن يتم دفع المال لهم كلما أسهموا في خدمة عائلتهم؟ بالتأكيد هذا لا يتسق مع المنطق والواقع، لأنه وبنفس المنطق، من الذي يدفع للوالدين مقابل قيامهم بأعمال كغسل الملابس أو التسوق مثلاُ؟ ومع ذلك، فإن الأعمال المنزلية الصعبة التي تحتاج لمجهود مضاعف مثل غسل النوافذ مثلاً تستحق أن يُدفع مقابلها للأبناء ما يستحقون من مال.
دفع المال في الوقت المحدد
إنها طريقة لتعليم الأبناء أن الالتزامات يجب أن تُصان وتؤدى في موعدها الصحيح، وأن الناس يعتمدون في حياتهم على بعضهم البعض.
لا تستسلم
يبدو المشهد هكذا: يحدث أن يطلب منك ابنك أن تمنحه سلفة مالية، فقد استنفد كامل مصروفه، والآن لاحت له هذه فرصة ما تهمه، وهو يرغب في اقتناصها، ولكنه بحاجة للمال، إذا قمت في أحيان كثيرة بانتشاله من مثل هذه المآزق فقد تفسد الدرس الذي تعلمه والمفهوم الذي ترسَّخ بداخله وهو ضرورة الاحتفاظ بمدخرات للنفقات الطارئة.
تأمل هذه الأمور وقم بمناقشتها مع شريك أو شريكة حياتك، استعرضا الخيارات التي تناسب الفلسفة التربوية التي تناسبكما، والتي تقدم لكما في هذه الحالة أفضل الحلول، واطرحا السؤال الصحيح: إلى أي حد يمكنكما التدخل في كيفية تعامل الأولاد مع مصروفاتهم المالية؟